Sponsor

Breaking News
Loading...

العول

العول

العول: أن تزيد السهام على التركة، كما لو ترك الميت زوجة وأبوين وبنتين، ففرض الزوجة الثُمن، وفرض الأبوين الثلث، وفرض البنتين الثلثان، والتركة لا تتسع للثُمن والثلث والثلثين. وكذا لو ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختين لأب، فإنّ فرض الزوج النصف، وفرض البنتين الثلثان، ولا تحتمل الفريضة نصفاً وثلثين. والعول لا يتحقق إلاّ بوجود الزوج والزوجة.

واختلفوا: هل يدخل النقص - والحال هذه - على كل واحد من أصحاب الفروض، أو على بعض دون بعض؟

قال الأربعة بالعول، أي بدخول النقص على كل واحد بقدر فرضه، تماماً كأرباب الديون إذا ضاق المال عن حقهم، فإذا وجِدت زوجة مع أبوين وبنتين تكون المسألة عندهم من مسائل العول، وتصبح الفريضة من سبعة وعشرين سهماً بعد أن كانت أربعة وعشرين، تأخذ الزوجة من الـ ٢٧ ثلاثة أسهم - أي يصبح ثمنها تسعاً - ويأخذ الأبوان منها ثمانية، والبنات ستة عشر.

وقال الإمامية بعدم العول، وبقاء الفريضة كما كانت أربعة وعشرين،
٥١٩

ويدخل النقص على البنتين، فتأخذ الزوجة ثمنا كاملاً ٣/٢٤، ويأخذ الأبوان الثلث ٨/٢٤، والباقي للبنتين.

واستدل الأربعة على صحة العول ودخول النقص على الجميع بأنّ امرأة ماتت في عهد الخليفة الثاني عمر عن زوج واختين لأب، فجمع الصحابة، وقال: فرض الله للزوج النصف، وللأختين الثلثين، فإن بدأتُ بالزوج لم يبقَ للأختين الثلثان، وإن بدأتُ بالأختين لم يبقَ للزوج النصف، فأشيروا عليَّ.

فأشار عليه البعض بالعول، وإدخال النقص على الجميع، وأنكر ذلك ابن عباس وبالغ بالإنكار، ولكنّ عمر لم يأخذ بقوله وعمل بقول الآخرين، وقال للورثة: ما أجد في هذا المال شيئاً أحسن من أن أُقسّمه عليكم بالحصص. فعمر أوّل مَن أعال الفرائض، وتبعه جمهور السنّة.

واستدل الإمامية على بطلان العول بأنّه من المستحيل على الله سبحانه أن يجعل في المال نصفاً وثلثين، أو ثُمناً وثلثاً وثلثين، وإلاّ كان جاهلاً أو عابثاً، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. ولذا نُقل عن الإمام علي وتلميذه عبد الله بن عباس أنّهما قالا: (إنّ الذي أحصى رمال عالج لَيعلم أنّ السهام لا تعول على الستة) أي لا تزيد على الستة المقدّرة في كتاب الله، وهي: النصف، والربع، والثُمن، والثلثان، والثلث، والسدس.

والنقص عند الإمامية يدخل دائماً على البنات والأخوات دون الزوج والزوجة والأُم والأب؛ لأنّ البنات والأخوات لهن فرض واحد، ولا يهبطن من فرض أعلى إلى فرض أدنى، فيرثن بالفرض مع عدم وجود الذكر وبالقرابة مع وجوده، وقد يكون لهن معه دون ما كان لهن منفردات. أمّا الزوج فيهبط من النصف إلى الربع، والزوجة من الربع إلى الثمن، والأُم من الثلث إلى السدس، ويرث الأب السدس بالفرض في بعض الحالات. وكل واحد من هؤلاء لا ينقص عن فرضه الأدنى،
٥٢٠

ولا يزيله عنه شيء، فلدى الاجتماع يُقدّم ويبدأ به، وما بقي تأخذه البنات أو الأخوات.

وقال الشيخ أبو زهرة في كتاب (الميراث عند الجعفرية): قال ابن شهاب الزهري(١) : (لولا تقدم فتوى الإمام العادل عمر بن الخطاب على فتوى ابن عباس لكان كلام ابن عباس جديراً بأن يتبعه كل أهل العلم، ويصادف الإجماع عليه). وإنّ الإمامية قد اختاروا رأي ابن عباس رضي الله عنهما، وإنّه لفقه جيد، كما أشار إلى ذلك ابن شهاب الزهري، وهو بحر العلم.

____________________

(١) فقيه تابعي جليل ومعروف، أثنى عليه علماء السنّة أجمل الثناء وأبلغه، ولقي عشرة من الصحابة.



0 comments:

Post a Comment

Highlights

Copyright © FIQH: Comparative Islamic Law All Right Reserved